شعراء : الجنوبي أمل دنقل تنبأ بثورة الحرية
Do you like this story?
الشاعر أمل دنقل
شعراء : الجنوبي أمل دنقل تنبأ بثورة الحرية
شبكة الإعلام العربية (محيط) القاهرة :
عقدت الهيئة المصرية العامة للكتاب احتفالية لإحياء ذكرى الشاعر الكبير "أمل دنقل"، جمعت بين النقد والشعر، شارك فيها الشعراء والنقاد محمد إبراهيم أبو سنة، د.حسين حمودة، محمد سليمان، السماح عبد الله، وإيهاب البشبيشى.
جاء فى بداية الندوة صوت الراحل "أمل دنقل" في قصيدة من قصائده الرائعة. كما ألقى البشبيشي قصيدة عمودية من قصائد دنقل بعنوان "طفلتى" من ديوان "مقتل القمر"، بينما قرأ على منصور قصيدة "إنه الجنوبى".
أدار الندوة المنجى سرحان الذي قال: جاء الشاعر أمل دنقل من الجنوب، وقد ولد في 1940، وتوفى والده وهو لم يجاوز العاشرة، مما أثر كثيرا في تجربته، وعمل أمل دنقل على إحياء التراث العربى .
جمع شعر أمل دنقل بين التراث والمعاصرة وبين الشعر السياسى والشعر الجمالي لهذا سيظل شعره مناسبا لكل العصور، فعندما نقرا "الكعكة الحجرية" نستحضر فيها أحداث ميدان التحرير الآن .
مواقف أبوسنة
تحدث الشاعر الكبير محمد إبراهيم أبو سنة وقال : كتب أمل دنقل أخر قصائده وهو على فراش المرض، وصدر الديوان بعد وفاته بعنوان " أوراق الغرفة رقم 8 "، وبين فيه قدرته على مجابهة الآلام والأحداث، وأول مرة قابلته فيها سمعت منه "كلمات سبارتكوس الأخيرة"، كنا في مقر رابطة الشعراء، ولمحت في وجوه الحاضرين الإعجاب الشديد بدنقل، وكانت هذه الفترة هي موسم الهجرة من الجنوب؛ حيث جاء الابنودى ويحيى الطاهر عبد الله وعبد الرحيم منصور، لكن أمل دنقل لفت الانظار بقامته وصوته، وقد عانى أمل معاناة شديدة.
تابع أبو سنة: كانت تلك المرحلة قاتمة ديمقراطيا من ناحية التعبير عن الرأي، وانتقل أمل إلى الإسكندرية ثم إلى السويس، وقابلته عندما عاد ولن أنسى هذا اللقاء الذي أسمعني فيه قصيدة من قصائدى "حين فقدتك"، واشتبكنا كثيرا، وحضر الكثير من هذه الاشتباكات الأديب نجيب محفوظ، وطلب بعض الأصدقاء إجراء استفتاء بيننا، وفاز أمل ب5 أصوات وحصلت أنا على 4.
وفي دار الأدباء بعد نكسة 67 قرأ علينا لأول مرة "البكاء بين يدى زرقاء اليمامة"، وكان أمل بحسه الفطري يعرف أن افضل إعلاما يمكن أن تصل به إلى الآخرين هو الإعلام المباشر، وصدر ديوانه الأول في عام 1969، وكان أمل دنقل واضحا في شعره وجريئا في مواجهاته.
استدعاء التراث
وبدأ محمد سليمان كلامه قائلا : قابلت مساجين سياسيين في سجن طره، وفوجئت بأنهم يحفظون قصائد لأمل دنقل، مثل "لا تصالح" و"الكعكة الحجرية ، فإذا أمعنا النظر سنجد عندما نقرأ "الكعكة الحجرية" الآن أننا نستحضر كل ما يحدث في ميدان التحرير.
أضاف: استفدت كثيرا منه وهو لم يكن شرسا كما يشاع، فقد أراني كيف يعيد الكتابة وكيف يحذف ويختصر، وبسبب أمل تراجعت عن إصدار ديواني الأول لأني تشككت في كل قصائدي، واكتشفت أنني يجب أن أعيد النظر فيها مرة أخرى.
ومن جانبه أضاف سليمان : كان التراث هو المحور الأساسي لتجربة أمل دنقل، استفاد من سيرة الزير سالم ، كما يعتبر مجتمع المقهى في مركز تجربة أمل دنقل وشعره ملئ بجماليات الإيقاع، خاصة في قصائده السياسية، وكذلك نجد في قصائده الحس الإنسانى مثل "الكعكة الحجرية"، وكان يهتم بالإلقاء وجمالياته، ودائما يوجد في الحركة الشعرية شعراء نستطيع أن نحذف شعرهم دون أن يختل المشهد الشعري، وهناك في المقابل شعراء لا نستطيع حتى لو تحاملنا عليهم أن نزحزحهم، وأمل من هذا النوع الأخير.
تساءل د.حسين حمودة: ما سر احتياجنا المتجدد لشعر أمل دنقل ؟ وأجاب : هناك ملمحا واضحا في شعره يتمثل في مجموعة من المزاوجات، الأولى مزاوجة بين التراث القديم وبين التجريب المعاصر، فتنوع شعره تنوعا كبيرا، وكان منه ما هو موصول بالتراث الغربى مثل "كلمات سبارتكوس الأخيرة"، وفي مقابل هذا الطرف كان الطريق الثاني الذي اهتم به أمل وهو التجريب والتقنيات التي تشبه المونتاج والشكل الجديد " القصيدة الدائرية".
أما المزاوجة الثانية بين الوقائع المرجعية والقضايا الأبدية فقد جمع بين الاهتمام بوقائع مرهونة بسياق زمني معين ومحدد، ويظهر ذلك واضحا في قصائد ما بعد نكسة 1967 "تعليق على ما حدث" و"أغنية الكعكة الحجرية" و"لا تصالح". وعلى الطرف الثاني نجد شعره يتأسس على قضايا أبدية مجاوزة في كل زمان ومكان مثل الحب والكرامة الإنسانية، مثل قصائد "البكاء بين يدى زرقاء اليمامة" و "أوراق الغرفة رقم 8 ".
والمزاوجة الثالثة بين المشهد البصرى وبين الصوت الغنائي، فقصائده على بساطتها حافلة بمشاهد بصرية خالصة تحول فيها لعين لاقطة وراصدة، كما حفل شعر أمل دنقل بصوت غنائي مشبع بأحكام قيمة وبوح وتأمل وحدة وغضب؛ لأنه في عالم حافل بأشكال متعددة. أما المزاوجة الرابعة فهي أنه جمع بين الشاعر السياسي والشاعر الجمالي، وشعر أمل دنقل من هذه الوجهة اجتهاد خاص، قام في قطاع كبير منه على تجسيد جمالي واتسع لوجود الجهود الإنسانية .
وحكى السماح عبد الله في حكاية طريفة كيف ذهب لزيارة أمل دنقل ورؤيته أثناء مرضه، وعندما وجده أمامه لم يجرؤ على مواجهته، وتظاهر بأنه يبحث عن شخص آخر، وعندما استضافه الشاعر فاروق شوشة في برنامجه التلفزيوني "أمسية ثقافية" قرأ قصيدة كتبها من وحى رؤيته لأمل دنقل بعنوان "هل تعرفنى"، وقال السماح : كتبت في هذه القصيدة كل ما لم يحدث في الزيارة الحقيقية، فعرفته بنفسى وبشعري وأقمت معه جسور الكلام، ذلك الذي تكسر على حافة فمى فادعيت أننى أخطأت الغرفة.
الكعكة الحجرية : مختارات
يقول دنقل بمقطع من قصيدته "الكعكة الحجرية" :
دقت الساعة القاسية
وقفوا فى ميادينها الجهمة الخاوية
واستداروا على درجات النصب
شجراً من لهب
تعصف الريح بين وريقاته الغضة الدانية
فيئن: "بلادى .. بلادى"
(بلادى البعيدة!)
… … …
دقة الساعة القاسية
"انظروا .."؛ هتفت غانية
تتلوى بسيارة الرقم الجمركى؛
وتمتمت الثانية:
سوف ينصرفون إذا البرد حل.. وران التعب.
… … … … …
دقت الساعة القاسية
كان مذياع مقهى يذيع أحاديثه البالية
عن دعاة الشغب
وهم يستديرون؛
يشتعلون – على الكعكة الحجرية – حول النصب
شمعدان غضب
يتوهج فى الليل..
والصوت يكتسح العتمة الباقية
يتغنى لأعياد ميلاد مصر الجديدة!
تاريخ التحديث :-
توقيت جرينتش : السبت , 4 - 6 - 2011 الساعة : 12:27 صباحاً