يتم التشغيل بواسطة Blogger.

قراءة في قصة (السجينة) للكاتبة وزنة حامد بقلم يوسف

قارب الترحيلات' يبحر بنا إلى مختارات من القصة اليابانية الحديثة

الشاعر المبروك أبو درهيبة نجح بالهرب من قوات القذافي

شاعر الثورة ينقل أحداث "التحرير" على cbc

كاتب جزائري يهدد بحرق كتبه لتردي الثقافة

دستور جديد للمثقفين المصريين

من المسئول عن تعطيل التحقيق فى فضيحة مهرجان القراءة للجميع

يوم يابانى مصرى فى "ثقافة الطفل" بجاردن سيتى

المواطنة الواقع والمستقبل" ندوة بقصر ثقافة السلام

الأحد .. محاضرة " تكريم المرأة في الإسلام " بالمطرية

معرض للكتاب الإلكترونى فى "الطائف" بالسعودية

زيدان: حالة "المياعة" بالشارع المصرى تفرز نتائج لا يُحمد عُقباها

زيدان: حالة "المياعة" بالشارع المصرى تفرز نتائج لا يُحمد عُقباها

من المسئول عن تعطيل التحقيق فى فضيحة مهرجان القراءة للجميع

يوم يابانى مصرى فى "ثقافة الطفل" بجاردن سيتى

المواطنة الواقع والمستقبل" ندوة بقصر ثقافة السلام

الأحد .. محاضرة " تكريم المرأة في الإسلام " بالمطرية

معرض للكتاب الإلكترونى فى "الطائف" بالسعودية

قارب الترحيلات' يبحر بنا إلى مختارات من القصة اليابانية الحديثة




قارب الترحيلات' يبحر بنا إلى مختارات من القصة اليابانية الحديثة


وائل عرابي يفرد في مقدمة كتابه تحليلا وافيا للخصائص التي يتمتع بها الأدب الياباني قديما وحديثا




ميدل لإيست أونلاين


كتب محمد الحمامصي ـ


يقدم هذا الكتاب "قارب الترحيلات .. مختارات من القصة اليابانية الحديثة" باقة مختارة من الأدب الياباني، ذلك الأدب الذي يحفل بأنماط شتى من التجارب والاتجاهات، التي أكسبته تميزًا فريدًا لا نستطيع تجاهله ضمن التراث الأدبي للشعوب، وهذا التميز إنما يتجلى لنا بشكل واضح في القدرة العالية على تأمل النفس البشرية، وسبر أغوار الذات ووصفها بدقة تكاد تفوق التصور، أكثر مما يتجلى في الفصاحة والقدرة على التعبير الأدبي البليغ.


وأفرد المترجم د. وائل محمد عرابي في مقدمته للكتاب الصادر عن جمعية نوافذ للترجمة والحوار تحليلا وافيا للخصائص التي يتمتع بها الأدب الياباني قديما وحديثا، وأُولى هذه الخصائص هي التوحد والاندماج مع الطبيعة، "فلما كانت اليابان في الأصل دولة زراعية، واليابانيون مجتمعًا زراعيًا، فقد كانوا يرتبطون أيما ارتباط بأحوال الطقس والفصول الموسمية. ليس هذا فقط، بل نستطيع القول إنهم يتعايشون مع الطبيعة ويسعون إلى التوحد معها منذ القدم، على العكس من الغربيين الذين حاولوا قهر الطبيعة والسيطرة عليها. وكان من الطبيعي أن ينظر الأدب الياباني ـ وليد هذه البيئة ـ بعين الاعتبار إلى الاهتمام بالطبيعة والاندماج معها".


من هنا "انطلقت أشعار الواكا (الأشعار اليابانية القديمة) من تأمل الطبيعة، واتخاذ الشاعر لها كستار للتعبير عن مشاعره، التي لا يستطيع البوح بها مباشرةً. وكذلك نجد هذه النزعة الأدبية تنتقل للنثر أيضا، عصر فترة هيآن (794 – 1185)، وتعد مقالات "كتاب الوسادة" (عام 1002) النموذج الأمثل على هذا. بالإضافة إلى توظيف الطبيعة توظيفًا رمزيًا مهمًا في حكاية الأمير جنچي، والتي تُعد بمنزلة ألف ليلة وليلة الأدب الياباني".


ونجد من مشاهير الشعراء القدامى من أخذ يتفكر في أغانيه حول ماهية الطبيعة، مثل "صايجيوو" (1118- 1190) ثم نرى ازدهار أدب "النُساك"، الذين ينسحبون من الحياة العامة ويعيشون في أحضان الطبيعة، انطلاقًا من اعتقادهم بأن الطبيعة هي أصل أوجه الحياة المختلفة للبشر.


وكذلك لا يُمكن تخيل أشعار "الهايكو"، التي ظهرت في العصور الوسطى بدون الطبيعة، بل إنها كانت الطريق الذي مهد إلى تأصيل الاهتمام بالعبارات، التي تشير إلى الفصول الموسمية في شعر "الهايكو" في العصر الحديث".


أما في العصر الحديث فهناك أعمال نثرية شهيرة تتناول الطبيعية "مثل "موساشينو" للكاتب كوني كيدا دو پو، ورواية "الطبيعة والحياة" للكاتب طوكوطومي روكا، هذا بالإضافة إلى أن أدب المدرسة الطبيعية، الذي ازدهر في نهاية عصر ميچي، والذي كان يسعى وراء الوقوف حول حقيقة الإنسانية، قد توصل في نهاية الأمر إلى أن القيمة الكبرى تكمن في "الطبيعة كما هي". كما أن الطبيعة توظف كرمز بفاعلية، في كتابات أول كاتب ياباني يحصل على جائزة نوبل للآداب "كاواباتا ياسوناري"، وغيره من مشاهير الأدب الحديث.


وفي هذه المجموعة القصصية ربما نلحظ مدى تأثر الإنسان الياباني بالطبيعة، من خلال قصص أمثال "تحت أشجار الكرز" و"طاقة الجبال"، و"اليوسفي"، و"الليمونة".


الخاصية الثانية المتأصلة في الأدب الياباني والتي يرصدها المترجم في تقدمته هي "الميل للشعور بالجمال في إدراك فناء الحياة"، فمن ضمن التراث الأدبي القديم نجد اليابانيين يحبون المأساة، التي تحكي انحطاط وفناء من كان قويًا، دون غيرها من الدراما، وبدخول البوذية، التي من أبرز محاورها الفكرية "نظرة الفناء"، إلى اليابان زادت هذه النزعة الأدبية، وتجلت في أعمال شهيرة مثل "حكاية عشيرة هيكيه" في العصور الوسطى.


وفي العصر الحديث أيضًا يرصد المترجم كُتابًا من أمثال "ناجاي كافوو"، الذي استمر في عشقه تصوير أحاسيس الضعف والهلاك والفناء في أدبه، والكاتب الشهير "دازاي أوسامو" الذي تناول بوضوح "جماليات الفناء" في روايته "غروب الشمس" حيث يحكي عن تدهور أخلاقيات العائلات الكبرى في اليابان، بعد الحرب العالمية الثانية وفناء اسمها وتاريخها الطويل، وأشهرهم عالميًا على الإطلاق "مشيما يوكيو"، الذي كان على الرغم من اعتقاده بشؤم الحرب، فإنه كان يرى فيها مكانًا للموت الجميل. فالأدب ـ وكذلك المرء الياباني ـ يهتم أيما اهتمام بالكيفية التي يموت عليها الإنسان، فالكيفية التي يموت بها المرء تحدد مدى استمرارية اسمه، واسم عائلته من بعده. وهذا لا يعني أننا لا نجد اتجاهات أدبية تهتم بالحياة والمعيشة والهزل وما شابهه، بل إننا نجد أن "الأدب الضاحك" كان أساسًا لأشعار "الهايكاي".


وفي العصر الحديث، نجد "الأدب البروليتاري" أو "أدب العمال" يلاقي شعبية كبيرة بين اليابانيين، بما فيه من جوانب اجتماعية وفكرية أساسية. بيد أن الاتجاه العام نحو إدراك "الجمال في الفناء"، في الأدب الياباني كان قويًا بلا أدنى شك.


الخاصية الثالثة والأخيرة التي تميز الأدب الياباني من وجهة نظر المترجم في تقدمته للمختارات هي الاهتمام بشدة بالحس؛ فالحَسَاسِيَّة سمة تأصلت في نفوس اليابانيين منذ القدم بسبب عدة عوامل. أولها أن بلادهم تتكون من أرخبيل معزول جغرافيًا، لحد كبير عن دول القارة الآسيوية، فلا توجد لهم احتكاكات وعلاقات بأجناس أخرى على مدى واسع. ولأنه في أغلب فترات تاريخهم، لم يحدث أن احتلت بلادهم قبائل أخرى، فهم يميلون إلى الانغلاق على أنفسهم، أكثر من رغبتهم في التوجه للعالم الخارجي والتفاعل معه. فمع استقدام اليابان لثقافات البلدان الآسيوية مثل الصين والهند منذ القدم، فإنها ظلت "منغلقة" على نفسها. كما أنها مع استقدامها للحضارة الغربية، على نطاق كبير، منذ عصر ميچي، فإنها كانت تعمل على صبغها بالطابع الياباني.


ومن هنا فإن هناك نزعة قوية عند اليابانيين، في أنهم لا يميلون إلى محاولة إقناع "الآخر" بالحجج والبراهين الموضوعية، بقدر ما يميلون إلى الاعتماد على "الحس"، في تناول الأمور وإصدار قراراتهم على أسس ذاتية.


هذا الأمر أدى بدوره إلى عدم ظهور حكايات كبيرة في حجمها، وذات بنية قوية في الأدب الياباني، اللهم إلا القليل النادر. وفي المقابل فإن وجود ميل إلى حب الدراما المأساوية، والاهتمام بالنظر الدقيق إلى الطبيعة، أدى كلاهما إلى إنتاج الكثير والكثير من الأعمال الوجدانية، القائمة على الرقة والحس المرهف.


هذه النزعة الوجدانية الغنائية، كانت هي محور الأدب الياباني منذ القدم. فقد كان الاهتمام بالحس، والنظر بعين الاعتبار إلى العاطفة والوجدان، هما جوهر أشعار "الواكا"، وأشعار"الهايكو"، وأدب اليوميّات، وأدب المقال...الخ، ووريث الرواية في العصر الحديث هذه النزعة الوجدانية أيضًا، على الرغم من ظهور تيارات أدبية متعدد، كان يغلب عليها طابع أن بطل الرواية هو الكاتب ذاته، إلا أننا نرى إثمارًا رائعًا من خلال "حس" صافٍ نقي في روايات "كاواباتا ياسوناري"، وكُتاب الحركة الأدبية المعروفة بـ "شجرة السندر البيضاء"، والكاتب العملاق "دازاي أوسامو"، وبعض كتاب "الأدب البروليتاري"... الخ.


وفقا لهذه الخصائص الثلاث، تأتي الباقة المتنوعة من القصص التي يقدمها الكتاب لروائيين وكتاب قصة من بينهم موطوجيرووه كاجيي، وريوونوسكيه أكوطاجاوا، وأووجاي موري، أوسامودازاي، فحب الطبيعة والاندماج معها نراه في قصتي "طاقة الجبال"، و"تحت أشجار الكرز"، و"الحس" المرهف يتراءى من خلال قصتي "الليمونة"، و"اليوسفي"، اللتين تتناولان هموم الإنسان الياباني الحديث، وكيفية التغلب عليها مستعينًا بإدراكه الجمال في ثمرة واحدة ليس إلا، والوجدانية الشديدة تشذو في صفحات قصة "قارب الترحيلات"، التي تتناول قضية "القتل الرحيم"، ومفهوم "المال"... الخ.

اخبار الأدب والثقافة