مثقفون ومفكرون يطالبون بدولة ديمقراطية ليست علمانية أو دينية
Do you like this story?
مثقفون ومفكرون يطالبون بدولة ديمقراطية ليست علمانية أو دينية
طالب مثقفون ومفكرون بضرورة أن "يكون المستقبل لمصر متمثلا في دولة وطنية ديمقراطية قوية، تكون بعيدة عن الدولة العلمانية، والتي يمكن أن تجلب ديكتاتورا، أو دولة دينية، يمكن أن تأتي بحاكم يدعي أنه الحاكم بأمر الله في الأرض".
استند هؤلاء في مطلبهم إلى وثيقة الأزهر، التي صدرت الأسبوع الماضي، وناقشها منتدى الحوار ، التابع لمكتبة الإسكندرية في ندوة أقيمت مساء أمس ببيت السناري الأثري بالقاهرة، حيث اعتبروها تعلى من قيمة هذه الدولة الوطنية الديمقراطية.
كما أكد المشاركون في الندوة أن الوثيقة عملت على استعادة المكانة التاريخية للأزهر الشريف، فضلا عما تحققه من استقلالية له، بعدما ظل خاضعا للنظام السابق على مدى ثلاثة عقود ،فيما انتقد البعض الوثيقة لاحتوائها على إتاحة ممارسة الشعائر الدينية على إطلاقها، ما قد يكون منفذا لغير أصحاب الديانات السماوية بممارسة شعائرهم.
من جانبه اعتبر الناقد د.صلاح فضل، أحد معدي الوثيقة، أنها تعتبر بمثابة تأكيد للقيم والمثل العليا، وإعلاء لقيم الثقافة، "خصوصاأن الناس هم الذين منحوا الأزهر الشريف هذه الرمزية، باعتباره مؤسسة للعلم والثقافة، ومنارة للفكر والاستنارة".
ووصف فضل الوثيقة بأنها تعلي من قيمة الأزهر ، وتعمل على إعادته ليسترد وضعه التاريخي في الحياة العامة، "لتصبح الوثيقة بمثابة مبادئ حاكمة، خصوصاأنه لم يحدث أن توافق أحد على وثيقة صدرت أخيرا ، كما توافق كثيرون على وثيقة الأزهر، حتى أصبح التوافق عليها أشبه بالإجماع".
وقال الناقد صلاح فضل إن الوثيقة دعمت فكرة "مؤسسة" الأزهر ، و دعت إلى استقلاله، وإعادة هيئة كبار علماء الأزهر، "بما يعني استقلاله ، وعدم التدخل في شئونه، وليصبح بعيدا عن أية محاولات للتدخل".معتبرا أن مشيخة الأزهر في السابق كانت مخترقة، "والوثيقة تعيد إليها استقلاليتها وتاريخها الطويل.
وأعرب الدكتور محمد كمال الدين إمام، أحد معدي الوثيقة، عن سعادته بما أبداه المثقفون من أصالة بحرصهم على الأزهر الشريف بأن يكون مرجعا إسلاميا لمصر، "انطلاقا من تاريخ تمتزج فيه الحضارة بثوابت الدين الإسلامي وأساساته، والاتفاق على أن الإسلام يمثل الرؤية الصحيحة للمجتمع، وأن العودة للأزهر ضرورة حياتية، ظللنا نبحث عنها لأكثر من 50 عاما".
واكد كمال الدين إنه إذا احتكمنا إلى الديمقراطية فيجب أن نكون أمناء على التعديلات الدستورية، التي تم استفتاء الشعب عليها ، خصوصا مع إقرار الوثيقة بتطبيق الديمقراطية، والدعوة إلى الدولة الديمقراطية".
وقال إن الوثيقة ولكونها غير فقهية ، "لذلك لم تعرض على مجمع البحوث الإسلامية، فهى وثيقة فكرية وثقافية بالدرجة الأولى، وليست فقهية"، وذلك في سياق رده على مطالبات البعض بعرضها على المجمع.
و قال الكاتب الصحفي حلمي النمنم ، أحد معدي الوثيقة، إنها ليست ملزمة ، و تعبر عن آراء كتابها، أو من وقعوا عليها ، ويمكن للحكومة المصرية أن تأخذ بها ، "خصوصاأن هناك قيادة حزبية جديدة أكدت له رغبتها بأن تكون الوثيقة مرجعية لها، وأن 18 حزبا سيعلنون قريبا اعتمادهم عليها "، مشددا على ضرورة تطبيق الدولة الديمقراطية، مفرقا في ذلك بين دولة علمانية أو مدنية كان نموذجها في العراق وسوريا وليبيا وغيرها ، "إلا أنها كانت دولا ديكتاتورية"، وبين دولة دينية في سياق المقارنة ذاتها، "كما هو النموذج في إيران ، والتي تمارس قهرا ضد مواطنيها.
وخلص إلى أن الحل ليس في دولة علمانية أو دينية، "ولكن الحل يكمن في دولة ديمقراطية، ينبغي ألا تصنع ديكتاتورا ".
لافتا النظر إلى أن الوثيقة تعيد الدور التاريخي والنضالي للأزهر الشريف ، الذي يتبني الإسلام في وسطيته واعتداله، "وهو ما يتجلى في الشارع المصري".
وبدوره وصف المفكر الدكتور صلاح الجوهري، الذى شارك فى إعداد الوثيقة، الأزهر بأنه في لحظة فارقة، وأصبح يستعيد دوره في أن يكون وكيلا عن الأمة، وأن الوثيقة عملت على استنهاض هذا الدور التاريخي للأزهر الشريف الذي كان يعرف دوره الزعيم الراحل جمال عبد الناصر يوم أن أراد مخاطبة المصريين، فلم يخاطبهم من خلال الاتحاد الاشتراكي أو خلافه، "ولكنه حرص على أن يخاطبهم عبر منبر الأزهر ، إدراكا منه بقيمة الأزهر وتأثيره في نفوس المصريين".
و حرص الكاتب الصحفى قطب العربي على أن ينقل في مداخلته بعض المخاوف التي تنتاب البعض من الوثيقة، في أنها تسمح مثلا لأصحاب غير الأديان السماوية ممارسة شعائرهم. واستشهد في ذلك بعبدة الشيطان. غير أن الحضور أكدوا له أن الوثيقة علقت ذلك بأصحاب الأديان السماوية.
ومن جانبه، شدد الدكتور سامح فوزي، نائب مدير منتدى الحوار بمكتبة الإسكندرية، والذي أدار الحوار، على ضرورة أن تعرض الوثيقة للحوار والنقاش العام، وفق ما طالب به شيخ الأزهر . داعيا إلى تشكيل لجنة من المثقفين وعلماء الأزهر للترويج لهذه الوثيقة، وتفسير نصوصها ، "بحيث يمكن الخروج من خلالها بإجماع وطني لصياغة الدستور المقبل للبلاد".
وأكدت الدكتورة زينب الخضيري أهمية الدور الذي يقوم به الأزهر الشريف حاليا ،"بما يحقق له الاستقلالية، بعد أن كان تابعا للنظام السابق، وفق ما كان يعمل عليه شيخه الراحل بالذهاب إلى شرم الشيخ للصلاة مع الرئيس السابق حسني مبارك، على الرغم من أنه الأولى أن يأتي الرئيس إلى شيخ الأزهر، وليس العكس".
وحذرت من خطورة أن يكون الأزهر تابعا للنظام السياسي ، ودعت إلى أن "يكون الأزهر مرشدا تتجلى فيه كل القيم الإنسانية، سواء كانت اجتماعية أو إنسانية أو سياسية".
أما الباحث السياسي الدكتور خالد حسن، فاعتبر أن الوثيقة صدرت مما وصفه بحامل "لواء الوسطية" . مشددا على ضرورة إبرازها في مواجهة التيارات الفكرية الراغبة في الوصول إلى سدة الحكم. مقترحا أن تعمل وزارة الأوقاف على الدعاية للوثيقة بين الأئمة والدعاة، للتوعية بها، والعمل على نشرها فيما بينهم.