سالم الشهباني : هنا يسقط جنود فرعون أمام الشعب
Do you like this story?
سالم الشهباني : هنا يسقط جنود فرعون أمام الشعب
محيط – رهام محمود
سالم الشهباني شاعر مصري من أصول بدوية ومدير قصر ثقافة حلوان .. يستلهم قصائده من الشارع وناسه البسطاء، وقد عرفه الجمهور واحتفى به شعراء كبار ومنهم أحمد فؤاد نجم وخاصة بعد ديوانه "الملح والبحر" . وقد صدرت للشاعر دواوين عامية منها "ولد خيبان" و"السنة 13 شهر" و"القطة العامية" و"شبر شبرين".. السطور القادمة تحمل تفاصيل لقاء "محيط" مع الشاعر ورؤيته لمصر بعد الثورة وجانب من أشعاره الجديدة .
محيط : ما هي ملامح ديوانك الذي أصدرته بعد الثورة ؟
- شعرت أن الثورة مستمرة ولم تنته، طالما أننا نبني ونغير، وأعتقد أن شعر العامية تحديدا ساهم في تعبئة الجماهير خلال الثورة بمعاني الحرية ورفض الظلم، وهو بطبيعته قادر على نقل هموم الناس . واستطاع الشعراء التحرر بكلماتهم بدلا من حالة الرمز التي فرضتها رقابة النظام السابق على جميع أشكال الفن .
كتبت في إحدى قصائد هذا الديوان :
شكرا لهذا الليل يعلمني ماخدش رصاص
ويشهد كوبري قصر النيل هذه الجمعة في يناير
أنا غضبان
أنا ثائر
أنا فرد الحمام طاير من الأبراج
يناديني النشيد أنزل
يصبني في السما خرطوش وأنا اعزل
أنا ماكسرتش القوانين ولا اتعديت ولا اتخطيت حدود الكلمة والمبدأ
أنا غنيت
أنا غنيت لحمي اللي اتولد شفته
وشمس شفتها بتصرخ
صرخت بعز ما فيا على الآخر
أنا فتحت أنا فتحت
أنا فتحت شفت الناس سيول من نور
تثور على العتمة والسجان
وترجع قيمة الإنسان لمعنى كلمة الإنسان
هنا يسقط جنود فرعون أمام الشعب
هنا يتكسر القضبان
يدب الرعب في قلوبهم
ويرهبهم غنى الكروان
ووقفة شعب أدام الرصاص الحي
يفسر يوسف الرؤيا ويقرأ
من الحاضر
هنا يطمن خليل الأمة على هاجر
تهاجر أفئدة من الطير لهذه الأرض
ويخضر الشجر يطرح جناين ورد على الجانبين
وتفرد هاجر القوانين على الواردين مياه البئر
يمامة في الخلا واقفة ماهيش خايفة
لا من بومة ولا من صقر
هنا الصورة ماهيش ثورة
لجوع أو فقر
لثورة عدل حرية
بلاش دم الشهيد يبقى مجرد دم
نشف أو جف
بلاش نلتف على الأشياء
نتاجر كدب بالفقراء
نجادل بعضنا على اللون
وقال ادبحوا بقرة
ومين يقرا التاريخ يعرف
بأن الملك مش دايم
ولا دايم أحواله
قارون هايم بأمواله
وغره الجاه
نسي مولاه وعند المال صبح واحد من الأسرى
وفين راحت جيوش فرعون
وجاه بلقيس
كنوز كسرى
محيط – كيف بدأت علاقتك بالشاعر أحمد فؤاد نجم؟
- كنت أعمل كمعد في برنامج "قول يا مصر" في قناة "ON TV "، وتعرفت على الفاجومي عبر رئيس المكتب الكاتب مطاوع بركات ، وأهديت نجم ديواني "السنة 13 شهر"، وفي اليوم الثاني قابلته ومدحني للغاية وناقش ديواني ، واستمرت علاقتنا، ثم قدمني بعدها لدار نشر "ميريت" في حفل بمناسبة مرور عشر سنوات على إنشائها منذ عامين .
وقد استطاع نجم أن يصادق الشباب، وفي الجيل السابق كان يفعل ذلك الشاعر صلاح جاهين والذي فتح بيته لكل الكتاب الشباب، وأعتقد أن ميزة نجم أنه يتحدث عن الشباب جيدا لإقترابه من همومهم ، كما يوصي بهم كثيرا الجيل الأسبق ويقول : "خدوا بالكوا من ورد الجناين".
ومن الناحية الإبداعية فقد تربيت على أعمال شعرية كثيرة ومنها قصائد نجم، واختلفت معه في أشياء شعرت أنها كتبت في ظرف تاريخي معين، وسقطت بسقوطه. لكن نجم مرحلة تاريخية في تاريخ مصر لا يمكن إغفالها، فهو شاعر الناس الغلابة ، ويكفي أنه حول "حوش آدم" لمزار سياحي مع الشيخ الإمام .
محيط : ما أكثر الأعمال الإبداعية التي لفتت نظرك خلال الثورة ؟
- أعجبت بكثير من أشعار الثورة، ولكن أهمها برأيي قصيدة "في الميدان" للأبنودي، وكانت هناك أشعار شبابية ولكن بها استعجال وليست عميقة، وسمعت أغنيات أعجبتني للغاية منها أغنية محمد منير "إزاي" و"يا بلادي" التي كنا نتذكرها بضرب إسرائيل لمدرسة بحر البقر ولحنها بليغ حمدي .
أما بالنسبة للروايات فلا يمكن كتابة رواية ونحن نمر بالثورة ، وهي إما أن تكتب قبل الحدث وتكون رؤيتها استشرافية كما كان يفعل نجيب محفوظ في ثلاثيته ، أو بعدها بمراحل . أما الشعر فهو يوازي الحدث ويكون حاضرا فيه، وديواني "شبر شبرين" صدر قبل الثورة بستة أشهر، وتحدث عن الإنسان المقهور، فمثلا في قصيدة "تنورة" أتحدث عن ظلم جهاز الداخلية لبائع الفل في الشارع وللناس الغلابة .
والشعر كان حاضرا حتى في هتافات الناس خلال الثورة، ومع الساهرين ليلا ، وخاصة شعر العامية . وبعد الثورة لابد أن يكون الشعر بناءا ولا يكون دوره توجيهي .
وعموما الإبداع أصبح أكثر تحررا من الماضي، وكنا نشاهد الرمز في الروايات والقصص منتشر للغاية، مثلا سي السيد في الثلاثية كان يرمز برأيي لعبدالناصر المتحكم ، وكذلك فعل يوسف ادريس ، وأحمد فؤاد نجم في "شحاتة المعسل" يكتب عن السادات .
كل هذا القمع عانته مصر بعد الإنقلاب العسكري في الخمسينات ، والذي لا أسميه ثورة، وكان مع ذلك الإبداع حاضرا ورأينا أشعار جاهين وغناء عبدالحليم حافظ ، وكان للشعر دور كبير في شحذ همم الناس لبناء مصر ، ولكن للأسف كان البلطجية واللصوص قد استولوا على مراكز القوة في البلاد .
محيط : لماذا اخترت الكتابة بالعامية ؟
- نشأت في أجواء تتعامل بالعامية، فهي موروثنا الشعبي الضخم والذي أثر في الدول العربية، وفي بيئتي البدوية الشعر يقال في الأفراح والمناسبات وليالي السمر، وكنت أذهب مع والدي للإستماع للأشعار، وحين يقول أحدهم : "حرس من الديب عين الديب محمرة.. والديب جوا القصب ناوي على غرة"، فيرد عليه الآخر "وراي يا خوي لما الكلب عاداني ينبح على جرتي واشحال لو جاني".
وفي القاهرة رأيت الساحر والحاوي ونداءات البياعين والأمثال الشعبية وغيرها، فبدأت بالعامية وأصبحت قريبا منها لما بها من زخم، وأحببت الغناء الشعبي وكلمات الفلاحين والصيادين حينما يعملون .
محيط : كيف أثر والدك على إبداعك؟
- أبي كان ضمن من يرتجلون الشعر في السوامر، وكان ضمن من حاربوا في اليمن وفي حرب الاستنزاف، وكنت اتعلم من أشعاره البدوية . ووفاة والدي كانت المحرك عندي للكتابة حيث لجأت للشعر وحاولت استعادته في كتابتي، وخاصة أنه كان رجلا بسيطا يعمل خفيرا في مشروع المحاجر، وكنت أسميه "حارس الليل"؛ لأنه تعلم كثير عن الليل وجلسته في الحراسة، وحينما كنت أذهب معه وأنا صغير ليلا كنت أرى الليل بشكل مختلف، وعندي مقطع يقول
انا ابن الغفير اللي فضل
عشرين سنة يحرس الليل من جوا أوضه
عرف كتير عنه وعرفني
أزاي يكون الابتسام للربيع
لحظة دخول برمودة
وقالي
إن يسألك حد عن أسمك
قول سالم فرج عودة
عشرين سنة يحرس الليل من جوا أوضه
عرف كتير عنه وعرفني
أزاي يكون الابتسام للربيع
لحظة دخول برمودة
وقالي
إن يسألك حد عن أسمك
قول سالم فرج عودة
محيط : من هم الشعراء الذين تهوى القراءة لهم؟
- ثلاثة أحب أقرأ أعمالهم كثيرا هم: فؤاد حداد، صلاح جاهين، بيرم التونسي. وأقرأ أيضا أعمال الأبنودي، وأحب تترات سيد حجاب، ومجدي يوسف، وأجيال أخرى أيضا أقرأ لهم، ومن الشباب أحب أحمد عبد الجواد، محمد عز الدين، عمرو حسن، وائل فتحي، خليل عز الدين، جما فتحي، محمد خير، رامي يحيي، عمرو مصطفى وغيرهم.
محيط : ما هي أكثر الأشياء التي تلهمك لكتابة قصيدة؟
- الناس المرهقين في الشارع، ولذلك أجلس كثيرا على المقاهي المصرية، وأجلس وسط الغلابة، وشحاذين الشارع، و"الجزماتية" وغيرهم، فالشارع هو كل شيء.
كتبت في ديواني مرة أقول :
ضلي على الأسفلت
وبدلة العسكري السودا
اجبروني على الوقوف صف تاني
والكلام عاللون ماحبتهوش
لون يساوي خوف من غيب مابعرفهوش
أو غياب يساوي خوف من لون ماحبتهوش
لون يساوي طرحة أمي ودمع بيبلل هدومي
لون يساوي موت غفير الدرك في المستشفى الحكومي
لون مابيحنيش غير للغلابة
واللي ساكنين الرصيف
واللي بيموتوا كل يوم في الطابور
بحثا عن رغيف
لون يسبني كل مرة ادام سؤال
أيه اللي ممكن يعمله الشعر لإنسان ضعيف
أيه اللي ممكن يعمله الشعر لقصيدة في الشارع
بتعصى على التصنيف